كن حجر_____ ممدوح عدوان

كن حجر___ ممدوح عدوان

كن حجر

هذا زمانٌ من حجر..

الظلُ وسط َ الصيفِ ماتَ من الضجر..

والسيفُ وسط َ الحربِ مات َ من الضجر..

والماءُ في الأنهار ِ قد أضحى َ حجر..

هذا زمانٌ من حجر..

إن شئت َ أن تحيا عزيزا ..ً كن حجر..

كنْ حجر.. واحملْ حجر.. واضربْ حجر..

مطرٌ تيبس َ في شتاء ٍقاحل ٍ

للغيم ِ جلدٌ ..صار َ ينفرُ كالإبر..

ورقٌ تحجر َ في ألشجر..

والريح ُتخجل ُحين تأتي دونما مطر..

وقد نسيتْ مع الغيم ِ المطر…

فتمرُ شفرتها على الأشجار ِتسلخها

تهزُ جذوع َ نخلٍٍ شاحبٍ

وعلى رؤوس ِ الناس ِ..ِ ينهمرُ الحجر

حجرٌ يرنُ.. على حجر

حجرٌ ..وينطلقُ الشرر

هذا الهشيمُ, وكان مزهوا ً, على دمناً

يجففه الصقيع, وسوف يفضحه الشرر..

حجرٌ من الصوان ِ, يحملُ نارا ً..

سراً يبوحُ بها ..

بزند فتىً تعبىء بالمرارة ..

ولدٌ خلا من أي همٍ ٍ..

في حساب ِ الربح ِ أو قلق ِ الخسارة

هل كان يلعبُ ذلك الولدُ الذي رشق َ الحجر؟..

هل كان يلعب ذلك الولدُ الذي رشق َ الحجر؟..

أم تلك آيتهُ : هنا خصمٌ ..هنا حجرٌ..

وبين اللهو ِ والشغبِ البريء..

تمرُ انهارُ الجسارة ِ وتهلُ أمطار الحجارة..

هل كان يعرف انه سمك

ٌ وان البحر مثقوب ٌ

فعلمهم بأن حجارة الطوفان

تنفع في مقارعة الطغيان

في الزمن البخيل ..

حجر.. ٌيغادر أرضه فرحاً فتنهار السدود

حجرٌ.. يزاحُ فترتمي الأبراجُ عن اعتى القلاع

وترتمي كل الشواهد عن مقابرها وينبعث الجدود

ولدٌ.. رأى وجهُ الضحيةََ َ في القضاة ِ

رأى الخناجرُ تختفي تحت المعاطف

ِ وابتساماتُ الشهود

حجرٌ.. وينكسرُ الزجاجُ عن الدفينات ِ

التي حضنت بيوضا ً كي تفقسُ

في هزائمنا ولاة ً نيئين

ولدٌ.. يرى عريُ الملوك ِ

فيعلنُ الخزيُ المخبىءُ تحت غطرسة ِ الديوث ِ

يسجلُ العريُ الذي يخشون َ نقشا ً.. في حجر

ولدٌ..يشرشُ في الزواريب ِ العتيقة ِ

كي يلقحُ بالعناد ِ فلا يصابُ بهجرة

ٍ أو انتكاسات ِ السفرْ.. يرمي حجر

وتجيءُ الطلقاتُ تنبحُ فيستحيلُ إلى قمر

ويعودُ منهمرا ً بأحجار ٍ تعلمَ رميها

من هجمة ِ الطير ِ الأبابيل ِ

التي من صوتها ترهبُ

هو وحده يغضبُ..

هو وحده يلعبُ..

لم يلقِِ ِ بالاً للأغاريد ِ التي انطلقت تحييه

وبالصرخات ِ في وقت ٍ تحذرهُ ولم يتعب

هو وحده الكوكب..

هو وحده.. والكون أعداءٌ

وفي يده حجر..

حجرُ الفلاسفة ِ.. الذي سيحولُ العتمْ

المرسب ِ في مفاصلنا الى ضوء ٍ

ويكشفُ ما تستره القذارة..

وينكشفُ الوطنُ المؤملُ عن مغارة ٍ..

هذه البلادُ حو ِلَتْ سوقا ً يباعُ بها البشر..

يتبغددُ الغازي.. يريحُ سلاحهُ

تقبلهُ زبونا ً لم يكن إلا على حق ٍ

ومؤتمراتُ أصحاب ِ المروءة ِ يعتريها الضوءُ

يكشفُ ما بها من بورصاتٍ

والسلاحُ المشترى بالخبز ِ..

حُوِلَ ضد من جاعوا ليثوبوا

فخباءَ من هزيمة عمرنا خبرا ً

وغلفَ بالعمى بصرا ً

وحولَ عيشنا صقرا ً

يفيض إلى صقر..

أو كنتَ تدري ما صقر

لولا فتىً يرمي حجر

فتعلمْ الدرسْ الذي أعطى لنا

الولدُ الفلسطينيُ في زمن ِ الحجر..

إن القلوبَ تجفُ رحمتها وتصبحُ من حجر

لم يبقَ شيئا ً للخسارة ِ.. كن حجر

لم يبقَ وجها ً لم يمرغ.. كن حجر

لم يبقَ ما تخشاه ..كن في العري اوضح من حجر

لم َيبقَ شيئا ً لم يبعْ..فأحمل حجر

هذا خسيسٌ كان يسرقُ قوتنا ..فأضرب حجر

هذا عدوٌ قادمٌ ..فأضرب حجر

هذا عدوٌ حاكمٌ ..فأضرب حجر

لم يبقَ عندك من سلاحٍ ٍ نافع ٍ..فأحمل حجر

لم يبقَ صمتً ساترً ..فأضرب حجر

واصرخْ لعل الصوت يصبح من حجر

لم يبقَ من دمع ٍ يريحُ ..

فآه ..آه ..لو إن الفتى الباقي ..حجر …

ممدوح عدوان